الرسالة التاسعة والثلاثون - - - > .. مأساة حجر ..

مأساة حجر
( من أوراقـــــي )


لحظة واحدة .. هي تلك اللحظة التي أتذكر بها دفتري وقلمي .. وأبدأ في البحث عنهما ..
أفتح هذا الدفتر .. وأمسك بالقلم .. وأبحث عن الكلمات التي تصف ما بأعماقي ..

أحيانا أجد الكلمات تخرج دون أي عناء .. وأحيانا أخرى أجدها حائرة بداخلي ..
لا تعرف كيف تصف حالتي .. ولا تدرك كيف ترسم الحروف لتصبح كلمات ..

مثلما حالتي الآن ..

بأعماقي الكثير والكثير من الأحاسيس والمشاعر ..
غضب وثورة .. ألم وحزن .. ملل وفراق .. تعب واعياء .. حب واشتياق
بحر عميق تتلاطم أمواجه في قلب الليل ..

ظلمة شديدة .. رياح هوجاء .. تعصف بكل المشاعر والأحاسيس ..
خوف يسبق دقات القلب .. خوف من الوحدة .. من السكون ..
خوف من الغرق في أعماق ذلك البحر الذي تتلاطم أمواجه بداخلي ..
خوف أن يدوم الظلام .. ولا تهدأ الرياح ..
خوف .. أرهق كل ما بي .. أرهق عقلي وقلبي وبدني ..
ما عدت قادرة على الإحتمال ..

تعبت .. نعم تعبت ..

وأتسائل متى تطرق الراحة أبوابي .. متى ترتاح نفسي وتهدأ أعماقي ويصبح ذهني صافيا ..
وكيف ؟!!..
كيف للراحة أن تأتيني .. ومن أين لي ..

من أين لي وكل من حولي يظن أنني حجر .. يمكنه تحمل كل الآلام والأوجاع دون أن يئن أو يشكو ..

ومن قال أن الحجر لا يئن
من قال أنه لا يتعب ولا يشكو
هل منكم من حاول أن يسأله يوما
هل منكم من اهتم لأمره
هل منكم من أرفق لحاله وحاول مساعدته

لا
لم يحاول أحد
ولم يهتم أحد
ولم يرفق به أحد

مسكين هذا الحجر
بائس
حزين
وحيد
وبالرغم من قوته في عيون كل من حوله
إلا أنه ضعيف .. ضعيف
يكتم بداخله آهاته وأوجاعه وصرخاته
يخفي دموعه

حتى الدموع
غير قادر على تركها تنهمر
لتمحو آلامه

يخاف أن يراه أحد يبكي
فهو بالرغم من كل شئ
حجر
ويجب أن يحافظ على كونه حجر
وما من حجر يبكي أو يضعف أو ينهار

وما أن يأتيه الليل
ويذهب كل من حوله
كل في طريقه

حتى يتخفى خلف ستار الظلام
يبكي ويبكي
وما يمنعه شئ من البكاء
سوى خوفه من أن يستمع أحد إلى أناته

ويظل يبكي
دون أن يجد من يمسح دموعه
حتى ينهكه التعب
ويذهب في شبه غيبوبة
إلى أن يأتي النهار المزعوم
وتنتشر أشعة الشمس الكاذبة

يبدأ يوم جديد
بملامح قديمة

آملا أن يشعر به أحد يوما
أن يهتم لحاله أحد
أن يفهم طبيعته أحد
أن يمسح دموعه أحد


وما بقي له شئ
سوى بقايا أمل
يعيش به اليوم
وينتظر أن يصبح يوما أكثر من مجرد أمل
لتتغير ملامحه القديمة